فصل: المقالة الثانية: الكسر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.فصل في انخلاع الرضفة:

وهي فلكة الركبة إذا عرض لها انخلاع فيجب أن تبسط الرجل وترد الفلكة ثم تملأ مأبض الركبة خرقأ مانعة عن الانثناء وتوضع عليه جبائر تعارضها في الجهة التي مالت إليها فإذا اشتد ولزم فلا تثنى الركبة بعجلة بل قليلاً قليلاً حتى يهون.

.فصل في خلع مفصل العقب عند الكعب:

قد ينخلع الكعب فيحتاج إذا انخلع إلى مد قوي وعلاج شديد ودفع بقوة ليعود ثم يجب أن يهجر المشي قريباً من أربعين يوماً لئلا ينخلع ثانياً.
وأما الزوال اليسير فيكفي فيه أدنى مد ثم ردّ وإذا انخلع بالتمام فيجب إن اشتدّ ولم يجب أن نردّه على ما قال الأولون قالوا ينبغي أن يبسط العليل على ظهره على الأرض ويوتد فيما بين فخذيه عند الاعفاج وتداً طويلاً قوياً داخلاً في عمق الأرض لا تدع جسد أن يتحرك إذا جررت رجله إلى أسفل بل ينبغي أن يوتد هذا الوتد قبل أن يستلقي العليل وإن حضرتك الخشبة العظيمة التي قلنا أنه يكون في وسطها خشبة أخرى موتودة فينبغي أن تصير المد على هذه الخشبة وينبغي أن يكون عون يضبط الفخذ ويمدّه وعون آخر يمد الرجل إما بيديه وإما برباط على خلاف مدّ العون الأول ويسوّي الطبيب بيده الفك ويمسك عون آخر الرجل الأخرى إلى أسفل وينبغي بعد التسوية أن تربط برباطات وثيقة ويذهب ببعض الرباطات إلى مشط الرجل وبعضها إلى الكعب وتربط هناك وينبغي أن تتقي من العصب الذي يكون فوق العقب من خلف لئلا يكون الرباط عليه شديداً وأن يمنع العليل من المشي أربعين يوماً فإن هؤلاء إن راموا المشي قبل أن يبرأوا على التمام ينتفض عليهم العضو ويفسد العلاج وإن زال عظم العقب من وثبة فإن ذلك يعرض كثيراً وعرض لهذا الموضع ورم حار فينبغي أن يسوى هذا العضو باستلقاء العليل على وجهه ومدّ العضو وتسويته وبالتنطيلات التي تسكن الأورام الحارة واستعمال الرباطات الوثيقة وأن يهدأ العليل ولا يتحرّك حتى يصلح العضو الصلاح التام وربط الكعب يجب أن يكون إلى الأصابع ويترك العقب مفتوحاً.
تدبيرها قريب من تدبير انخلاع عظام الكف وربما كفىأن تسويها بأن تطأ بقدمك عليها وبينهما ثوب حتى يستوي ثم يضمّد ويشدّ على نحو ما علم.

.المقالة الثانية: الكسر:

.فصل في كلام كلي في الكسر:

الكسر هو تفزق الاتصال الخاص بالعظم وقد يقع منه متفرقاً ويسمى إذا صغرت أجزاؤه جداً رضاً وقد يتفق غير متفرق وغير المتفرق قد يقع مستوياً وقد يقع متشعباً والمستوي قد يقع عرضاً وقد يقع طولاً والواقع عرضاً قد يقع مبيناً وقد يقع غير مبين والواقع طولاَ وهو الصدع والفصم لا يقع مبيناً.
وقد سمي قوم أصناف الكسر بأسماء فيقولون للكسر العظيم الذاهب عرضاً وعمقاً الفجلي والقثوي والقضيبي.
ويقولون للذاهب طولاً الكسر المشطب وللذاهب طولاً مع استعراض الهلالي والقضيبي ولصغار الأجزاء جداً السويقي والجريشي والجوزي.
وإذا تم الانكسار لم يمكن أن يبقى العظمان على ما يجب بينهما من المحاذاة على سنن الاتصال الطبيعي بل يزايلان ضرورة عن المحإذاة وكذلك من الزوال يحدث نخس ضرورة فيما يحيط به من الحجب واللحم فيحدث وجع يتبعه ورم.
وإذا كانت البينونة مدورة بلا شظايا انقلب العضو بسهولة ولأن يميل العضو المكسور إلى خارج على ما قال بقراط خير من أن يميل إلى داخل أي لأن ما يلاقيه من العصب هناك أكثر فيؤلم وإذا وقع الكسر عند المفصل فانرضت الحواجز والحروف التي تكون على نقر العظام البالغة للفم الفاصل وحفائرها صار المفصل مستعداَ للانخلاع.
وإذا.
وقع الكسر عند المفصل وانجبر بقيت الحركة عسرة بسبب الصلابة الدشبذ الذي يحدث يحتاج إلى مدة حتى يلين وأصعب ما يقع ذلك في مفاصل العظام الصغار ومن ذلك أيضاً حيث يكون المفصل في الخلقة أضيق مثل مفصل عليه ربط ذو هندام عجيب مدة أطول ما يكون يتناول من الأغذية والأدوية ما يعد الدم لذلك الشأن على ما نذكره.
وشر كسر العظام إلى داخل ليس إلى خارج على ما ذكر وما يقال من أن انقطاع المخ مهلك فمعنى لا حاصل له فإن المخ ذائب لين لزج ليس ينقطع وقد تعرض مع الكسر أعراض مثل الجراحة والنزف والورم والرض لما يطيف به من اللحم الذي إن لم يدبر بما يمنع العفن أو لم يشرط عرض منه الآكلة وموضع الكسر من الكبار يعرف بالوجع ومن موقع السبب الكاسر وبمس اليد وأما من الصبيان الصغار فيظهر.

.فصل في أحكام الانجبار:

وضدَه العظام المنكسرة إذا ردت إلى أوضاعها أمكن في الأطفال ومن يقرب منهم أن ينجبر لبقاء القوة الأولى فيهم فإما في سن الفتاء وما بعده فلا ينجبر بل يجري عليها لحام من مادة غضروفية تجمع بين العظمين من جنس ما يجريه الصفار من الرصاصين على وصل النحاس وغيره وأعصى العظام على الانجبار العضد ثم الساعد والترقوة إذا انكسرت إلى داخل صعب علاجها وأقبح الكسر في الزندين كسر الأسفل منها بمثل ما قيل في الخلع.
وأما أمر الفخذ والساق فهو أسهل لأن الجبر لا يمنعها عن الانبساط والأعضاء تختلف في مدة الانجبار مثلاً فإن الأنف ينجبر على ما قيل في عشرة والضلع في عشرين والذراع وما يقرب منه في ثلاثين إلى أربعين والفخذ في خمسين وربما امتدت هذه مدة طويلة حتى ينجبر الفخذ إلى أشهر ثلاثة أو أربعة وما فوقها ولأن يميل العضو في خطا الانجبار إلى بطنه خير من أن يميل إلى ظهره فيكون ميله في جانب النقل والأسباب التي لأجلها لا ينجبر العظم كثرة التنطيل أو كثرة حل الرباطات وربطها أو الاستعجال في الحركة أو قلة الدم مطلقاً أو قلة الدم اللزج في البدن ولذلك يقل انجبار كسر الممرورين والناقهين ومما يدل على الانجبار ظهور الدم مرًا كأنه فضل دفعته الطبيعة من كثرة ما توجهه إلى الكسر.
الجبر قاعدته مد العضو بمقدار ما ينبغي فإن الزيادة فيه تشنج وتؤلم وتحدث منه حميات وربما عرض منه استرخاء وذلك في الأبدان الرطبة أقل ضررأ لمواتاتها للمد والنقصان منه يمنع جودة الالتئام والنظم وهذا في الخلع والكسر سواء.
فأما إذا مد على الوجع الذي ينبغي اشتغل بنصبة العظمين على الاستقامة ووضع الرفائد والرباطات على ما ينبغي وإعلاؤها بالجبائر وإعلاء الجبائر بالرطوبات ويجب أن يسكن العضو ما أمكن إلا أحيانأ بقدر ما يحتمل إذا لم تكن آفة وورم لئلا تموت طبيعة العضو ويجب أن يحذر الإيجاع الشديد عند المد والشدّ في الكسر والخلع معاَ وكثيراً ما يعرض من الشد الشديد وإبطاء الحل وقلة تعهد ذلك أن يموت ذلك العضو ويعفن ويحتاج إلى قطعه.
فالمراد في إكثر الجبر حدوث الدشبذ فيما ليس كعظام الرلس فإنها لا ينبت عليها الدشبذ فيجب أن يدبر حتى لا يحدث يابساً ولا قليلأ ولا أيضأ غليظاَ كثيراً مجاوزاً للحد.
ومن المعلوم أن عظمه يختلف بحسب العضو ومقدار الكسر في عظمه أو كثرته أو في خلافهما وأنت ستعرف في التفصيل ما ينبغي أن يفعل في ذلك كله عند ذكر التغذية وعند ذكر الشد ويجب عند حدوث الدشبذ أن يهجر الحركات المرعجة والجماع والغضب والحرد فإنه يرقق الدم ويهجر الموضع الحار ويطلب البارد ويعان بأضمدة قوية قباضة فيها حرارة ما وإذا عرض للكسر أن لا ينجبر جبراً يعتد به فيفعل به شيء يشبه الحك في القروح التي لا تبرأ وهو أن يدلك باليدين حتى تتنحى اللزوجة الخسيسة الضعيفة التي كأنها ليست بشيء فيعرض أن يدفأ في الموضع ويندفع إليه دم جيد جديد وينعقد عليه دشبذ قوي وكثيراً ما يحوج تغير لون العظم أو إنشاره القشور والفلوس إلى الحك ومثل هذا لاتوضع الجبائر عليه بل إن كان ولا بدّ فيقتصر على رباط جيد.
وإذا اجتمع كسر وجراحة فليس يمكن أن يدافع بالجبر إلى أن تبرأ الجراحة فإن العظم يصلب فلا يقبل الجبر إلا بصعوبة ومدّ شديد وأحوال عظيمة ومع هذا فإذا حدثت مع الجراحة أوجاع وأورام فيها خطر فلأن يعوج العضو خير من أن يحدث خطر عظيم فيجب أن لا يبالغ في أمرجبر مثل هذا الكسر.
وإن كان مع الكسر رض كان من ذلك مخاطرة في تآكل العضو فيجب أن يشرط الموضع ليخرج الدم فإن فيه خطراَ وهو أن يموت العضو وإن كان نزف فيجب أن يحبس وكثيراً ما يحوج لحوق الورم وآفة الجراحة إلى أن يفعل غير الواجب من علاج العضو فيفصد ويسهل ويلطف الغذاء وقد تحدث من الشد حكة فيحتاج أن يحل أو أن ينطل العضو بماء حار حتى يحلل الرطوبات اللذاعة وبقراط يأمر لمن يجبر أن يمص شيئأ من الخربق في ذلك الوقت وغرضه أن يجذب المواد إلى داخل وجالينوس يجبن عن ذلك بل يأمر بشرب الغاريقون وإن كان لا بد فشيء من السكنجبين الذي فيه قوة حريفة ويقول أن ذلك كان في زمان بقراط وفصله بين الزمانين عجيب.
وإذا رددت الجبر ثم أوجع وأقلق فالصواب أن يترك ذلك ويخرج ما رددت فربما أرحت العليل بذلك من أوجاع.
وأما لكسر بالطول فيكفي فيه أن يلزم العضو يشد شديد أشد مما في غيره ويبالغ في غمره إلى داخل.
وأما الكسر الذي في العرض فيجب أن يقوم العظمان على الاستقامة في غاية ما يمكن ويراعى ذلك من جهة وضع الأجزاء السليمة وينظر هل هي من هذا العظم محادثة لتنظيرها من العظم الآخر ثم يجبر ويراعي فيما بين ذلك أشياء منها الشظايا والزوائد والثلم.
فأما الشظايا فإنها إذا لم تتهندم حالت بين العظام وبين الانجبار وإذا انكسرت أيضاً وقفت بين شفتي العظم فلم تدع أن يلتزم أحدهما الآخر أو زالت فتركت قرحته يجتمع فيها دائماَ صديد فيعرض من ذلك أنها نفسها تعفن وتعفن العضو ثم لا يكون الالتزام وثيقاً فإن الوثاقة إنما تحصل إذا تهندمت الشظايا والزوائد في مجاريها التي تقابلها فلا بد إذن من تمديد شديد جداً بأَيد أو بحبال أو بآلات أخرى تمدداً أبعد ما يكون فتصبح المحاذاة بين العظمين وبين فإذا مددت وحاذيت فمن الصواب إذا وجدت المحاذاة الصحيحة أن يرخي المد يسيراً يسيراً وتراعي المحاذاة كي لا تميل فإذا تهندم عدت وراعيت بيدك حال ما تهندم فان وجدت نتوءاً أو غير ذلك أصلحته باليد ثم لا بد من رباط يحفظ العضو على سكونه لا صلب فيوجع جداً ولا لين فينزل عن الحفظ وخير الأمور أوساطها.
ويجب أن يكون الرباط على الموضع الذي إليه الميل أشد وإن كان الكسر تاماً فيجب أن يسوى شده من كل جهة فإن كان الكسر في جهة أكثر وجب أن يكون الشد هناك أكثر فإذا كان مع الكسر شيء من الشظايا والعظام الصغار.
فإن كانت مؤلمة موجعة فتعرض لها بالإصلاح وإن لم تكن مؤلمة فلا تبادئها ولا تتعرض وإن كان مثلاً يسمع خشخشتها فإنه يرجى أن يجري عليها دشبذ وإذا أيس ذلك فحينئذ لا يجب أن يهمل أمرها وإذا حدث من الشظايا خرق اللحم فليس من الصواب أن تشتغل بتوسيع الخرق عمل الجهال ولكن الواجب أن يمد العظمان إلى الجانبين على غاية من الاستقامة لا عوج فيها ففي التعويج حينئذ فساد عظيم.
فإذا مدّ فاعمد إلى الشظية فردّها وشدّها فإن لم ترتد فلا توسع الخرق بل احضر لبداً بقدر ما يحتاج.
إليه وأثقب فيه قدر ما تدخله الشظية وركب عليه قطعة جلد لين بقدره وعليه ثقب كثقبه وأنفد الشظية فيه واغمر على الجلد واللبد غمراً يسفلهما ويبرز العظم في الثقب إبرازاً إلى أصله ثم انشره بمنشار العمل وهو منشار رقيق حاد كمنشار المشاطين وربما ثقب أصل ما يحتاج أن تبينه بالمثقب ثقباً متوالية تأخذ الموضع الذي يراد منه الكسر وليس ذلك عادماً للخطر حيث يكون وراء العظم جسم كريم على أنه ربما كان أسلم من الالات الهزازة بتحريكها ولقطها وقطعها.
وقد يحتال في أن يجعل المثقب على عارضة من جوهر لا تدع المثقب أن ينفذ إلا على قدر معين فيكون أقل آفة حينئذ من الآلات الهزازة ولهذا يجب أن يكون عند المجبرين من هذه المثاقب أصناف كثيرة معدة.
وربما لم تظهر الشظيّة الكنه لا بدّ من صديد يسيل فاستدل بذلك على الشظية وعالج ذلك الصديد بما يجففه ويحبسه ثم افعل ما ينبغي وإن كانت الشظية أو القطعة من العظام متمايزة تنخس العضل وتوجع فلا بدّ من شقّ وتدبير لآخراج ما يخرج ونشر ما يجب نشره وإذا كان المنكسر المتفتت كثيراً وكان تكسّر وتفتّته كثيراً فلا بد من أن يخرج الجميع.
وأما إن كان الكسر ليس بمفتت وكان الانقطاع منه والانصداع يأخذ مكاناً كبيراً فاقطع أمرض موضع ودع الباقي فإنه لا مضرة فيه بل المضرة في قطع الجميع عظيمة.